الجمعة، 10 مايو 2013

كائنات





اختفت الشمس خلف الغيوم المتلبدة بحياء شديد عندها أحاط أربعة شبان يافعين برجل في العقد الخامس من عمره وكانت أيديهم ناعمة وعيونهم بريئة ووجوههم الجميلة تتسم بوداعة قل نظيرها حتى أن البسمة التي ارتسمت على محياهم أبهجت الرجل العجوز الذي قضى السعال الطويل على كل مظاهر البهجة في وجهه ... وفجأة ظهرت الشمس من بين الغيوم المتلبدة لتتحول الأيدي الناعمة إلى مخالب جارحة والعيون البريئة إلى عيون ماكرة والوجوه الوديعة إلى وجوه شرسة ومتحفزة مليئة بالأنياب الصفراء وقبل أن يموت الرجل متأثرا بجراحه غمم مصدوما...من أين يأتي الناس بكل هذه الفظاعات ...؟؟؟
وعادت الشمس من جديد لتختبئ خلف الغيوم وتخفي خلفها فظاعة البشر ......

الخميس، 8 نوفمبر 2012

الجو البارد ( الزوج البارد )




الجو البارد
أنا عائدة إليه تدلف بي السيارة الأنيقة عبر بحار من الظلمة  الليل أبكم واصم صورة من القبح والتشويه والركود لا مثيل لها كنت أحب الليل ونسائمه الحلوة اعشق فيه الموسيقى والشعر والنجوى الحالمة لكن كله استحال إلى أنين ونواح أنا عائدة إليه ..إلى زوجي آه ولسوف يستقبلني كالعهد به دائما عقب كل جولة...ها سبع وإلا ضبع
يريد  دائما أن يعرف هل نجحت ,أم عدت أجرجر أذيال الفشل والخيبة لا اذكر مرة واحدة انه سألني عن حالتي ,أو حمد الله على سلامتي  حتى ولو من باب المجاملات العابرة التي لا معنى لها  انه جاف صريح  هو يسمى ذلك صراحة ,وان كانت أبشع ألوان الوقاحة ,ودائما يزهو ويتباهى بأنه واقعي ,يعرف حقيقة الأمور,ويدرك أبعادها,ويقصد هدفه دون مواربة  اناعائدة إليه هذه المرة بلا ابتسامات,الدموع تفيض في داخلي وتفور ,حتى تكاد تحبس أنفاسي وتحطم ضلوعي بداخلي طوفان من الدموع  وفتح السائق باب السيارةعندما بلغت باب الفندق,نزلت وهرولت إلى الداخل دون كلمة شكر للسائق ,ودون أن القي تحية المساء على الخادم الذي فتح لي الباب, ولم اقصد المصعد, بل هرولت إلى الدرج ,كنت اصعد في انفعال واضح ,وثروة مكبوتة,وحينما دخلت حجرتي في فندق((كارلتون))وجدت زوجي جالسا في انتظاري ,وسرعان ما هب واقفا, واخذ يفرك يديه في قلق ظاهر:
_((سبع ولا ضبع))
خلعت قفازي الأسود وقذفت به على الطاولة ,دون أن أتكلم  وكان على الطاولة بضع مجلات خليعة وصحف يومية من أقطار شتى ومطفأة سجائر وقلم وأوراق وزجاجة من الويسكي وكأعليه الشحوب وسعل دونما حاجة وتمتم في ارتباك (الجو بارد هذه الليلة ) وانتظر أن أقول شيئا ولم يعد أليه سوى صدى صوته المرتجف اعرف أن صبره سينفذ سريعا وأردت أن أعذبه وأتشفى بتوتره وقلقه لكنه انقض علي وجذبني من يدي في جفوة
لماذا لا تتكلمين ؟؟ إنني احترق بنار الانتظار هل من السهل أن أبقى ساعات طويلة أتسمع الخطوات وأنت بعيدة عني
ضحكت في سخرية وقلت ليست هذه أول مرة
لا شك انك أكثرت من الشراب
هذه الليلة بالذات لم أذق للخمر طعما
وقال في خوف
لماذا
هكذا أردت
أنها بادرة سوء على أية حال
جذبت يدي منه وارتميت على السرير وأنا الهث وتمتمت
رفض عبيد الصفقة
صرخ في رعب
كيف ؟؟ هذا يعني ضياعنا إنها اكبر صفقة نجري وراءها
الربح فيها لا يقل عن مليون ريال مستحيل أن تفلت من أيدينا
هززت كتفي دون اكتراث وقلت
عبيد رجل حريص .يختلف عن غيره من الرجال انه من ذلك النوع الذي لا تستطيع النساء أن تستولي على فكره وماله
هراء كل دراساتي عنه تؤكد غير ذالك
ودارت رأسي ما اكثر ما قابلت من الرجال الأللمواصلات.كثر السيارات التي ركبتها لقد رسم لي زوجي الطريق منذ سنوات عدة افهمني أن العالم تحكمه النساء وان كلمة السر في دنيا المال والربح هي المرأة وان جمالي يفتح الأبواب المغلقة وان المرأة الذكية تستطيع أن تحصل على ما تريد دون أن تفرط في شرفها (ملحوظة ) زوجي يعتبر جلوسي مع رجل غريب وحدي أمر غير ذي بال ويرى اللمسات والكلمات ذات التروية الجنسية بل والقبلات أيضا شيئا لا يخل بالشرف أن همسات ناعمة أو رقصة بريئة على أنغام الموسيقى وبعض الوعود مجرد الوعود تبلغ بالمرأة ما تريد من أرباح وزوجي يقول دائما
في حياتي العملية ابحث دائما عن اقصر طريق للمواصلات ..المرأة هي اقصر طريق إلى زوجي فيتلقفها بامتنان بالغ ويتبع ذالك بقبلة عاشقة طويلة واغرق بعدها بالجواهر والأزياء الأنيقة والسهرات الحمراء لا أكاد أفيق إلى نفسي غيبوبة دائمة وحلم معقد مكتظ بالمشاهد والصور المتداخلة لا أكاد أتبين شيئا محددا واضحا وذات مساء ساقوني إلى الشرطة متلبسة بالجريمة ليلتها كاد الرعب يقتلني ماذا سيقول زوجي ؟؟ وكيف أواجه نظراته القاتلة ولكن شيئا من ذالك لم يحدث أتى ثائرا ضد من ؟؟ ضد من اتهموني في شرفي وعفافي ورفض التهمة وخلع معطفه ووضعه على كتفي في حنان صادق وأبدى تأسفه لهؤلاء الحمقى الذين يلقون التهم جزافا لم أكن اصدق ما يجري نظرت أليه في دهشة فأبتسم وقال(( لو شهد أهل الأرض كلهم ضدك لما صدقتهم   أنا أعرفك جيدا يا حبيبتي   وليمت هؤلاء الحاقدون كمدا وغيظا ,فلن تستطيع قوة في الوجود أن تفرق بيني وبينك))ليلتها من كل قلبي  لكم تمنيت أن ينقضي علي صفعا وركلا ,أو يحاول تمزيقي إربا اربأ    تمنيت أن يثور لمشرقه وكبريائه, لكنه احني رأسه في أسف,واعتذر لي   وعدنا إلى المسكن الحزين   ولم نعداليه صامتين, لأنه لم يكف عن الثرثرة والتشدق بكلمات ضخمة _كالشعارات التي نسمعها في عالم السياسة _ عن الشرف وعن أصالتي ومعدني الطبيب ,وعفة أخلاقي ,وكانت هذه الكلمات تنصب في إذني كالرصاص ,وتملؤني بالاشمئزاز ,ووجدتني أقول ليلتها ( ولكني أخطأت فعلا يا كمال ) فسد فمي بيده واقسم إلا أتكلم كلمة واحدة
واقترب زوجي مني واخذ يلح
بالله عليك يا فتحية قولي كيف افلت منك عبيد انه أمر هام جدا ولا بد من إعادة المحاولة
وقلت وانأ ارمقه بطرف عيني !
( لقد خدعني ...نال مني كل شيء دون آن أنال منه شيئا...لو كنت مكانك لذهبت إليه على الفور وانتقمت لشرفي )
وقال وهو يلوح بيده في غيظ
ما جئنا هذه البلاد لنقتل ..جئنا للعمل أتفهمين !!؟
قمت من سريري وهو ينظر إلي في استغراب ثم فتحت حقيبة اليد واستخرجت العقد الموقع عليه من عبيد وقلت
لقد حاولت أن أعاتبك إن عبيد وافق على كل شيء واليك العقد
اختطف العقد مني كطفل غمره السرور وهو يلتقط لعبه جميلة ورأيت على وجهه فرحة حقيقية لا يشوبها كدر أو يظللها شيء من تأنيب الضمير واخذ يرقص في أنحاء الغرفة في مرح صبياني ثم أسرع نحوي واحتضنني بين ذراعيه وضمني أليه في شغف مراهق وأمطرني بقبلاته ثم ذهب إلى الطاولة وصب كأسين من الويسكي وهو يدندن بأغنية شائعة لفيروز كان صوته نشازا وكانت حركاته تبعث في نفسي كراهية سوداء وتمثلت في خيالي كل الليالي الزائفة بالشؤم والعار والضياع وبهدوء وإصرار وأخرجت المسدس من حقيبة اليد ثم أفرغته كله فيه واستشعرت عندئذ روعة الانتصار الحقيقي وفي لحظات كان كمال ملقى على السجادة الخضراء والعقد الذي سقط من يده يعوم في بركة من الدم

الأحد، 29 يوليو 2012

غرورك اصبح كرشا


يا حبيبي ...ويا صغيري ...لقد كنت انت طفلا ....ولا زلت طفلا لم تكبر قط ....
فأنت تتصور ان حبي لك هو ( مصروف جيبك )...وهذا المصروف يجب ان ادفعه لك كل يوم ...
وانا الذي ادفع دائما ...وانت الذي تضع المصروف في جيبك ....وكثيرا ما كان جيبك مثقوبا
وكان حبي يسقط من جيبك الى الارض ....وكثيرا ما كنت اجمعه لأصنع به ثوبا ...وكان هذا الثوب المتواضع هو حبي لك .....وكان جمودك هو المقص الذي مزق ثوبي ...

وأيقنت اخيرا انني اقاوم فيك غرور الرجل  ...فالرجل  يكره ان يبدو ضعيفا وغروره يجعله يتصور الحب ضعف ....وكنت اقاوم فيك هذا الحب ...وكنت اكره ان ارى على وجهك مظاهر الحب ...حتى لا تبدو ضعيفا امامي ...ويئست عندما وجدت ان غرورك قد انتفخ حتى اصبح كرشا تحمله على صدرك ويرفع رأسك الى الوراء ...ولم يكن غرورك حالة نفسية فقط وانما اصبح حالة جسمية ايضا ...لقد اصبح غرورك شيئا تراه العين بوضوح  
منقول

الثلاثاء، 13 مارس 2012

أم المساكين


أشفقت عليه كثيرا عندما ركع على ركبتيه أمامها وبكى كطفل صغير وزادت شفقتها عليه عندما اخبرها انه يتيم ومسكين جعلته الظروف الصعبة  غير قادر على الزواج ولأنها أشفقت عليه كثيرا حد البكاء  وعدته بقضاء ليلة حمراء معه عند خروج زوجها إلى العمل وخلود أبنائها إلى النوم وبعد أسبوع اكتظت حارتنا بشباب مفتولي العضلات لكنهم كانوا أيتاما ومساكين أيضا...
 فليسعهم عطفك (ي) ولتغمرهم شفقتك (ي) وليلفهم حنانك الذي لا يعرف حدودا    

الخميس، 8 مارس 2012

غموض ....


اختفى شفيق الحردان اختفاء لا مسوغ له ...فقد أثار اختفاءه طوفانا من الفضول طغى فجأة علينا وجعلنا قلقين عليه ...فقال بعضهم انه ذهب ضحية لديونه المتراكمة لسنين طويلة ..لكننا لم نعلم عن شفيق انه استدان قرشا واحدا في يوم من الأيام فهو يعيش في كفاف منذ أن عرفناه ...(كافي خيرو شورو )...وبعضهم قال أن زوجته الأولى انتقمت منه لزواجه من فتاة شابه وجميلة استفاق الليل على عتمة  شعرها الأسود غير أننا لم نعلم عن شفيق انه تزوج في يوم من الأيام فهو لا يملك تكاليف هذه المغامرة الخطيرة وفي بلادنا لكي يخوض الناس مغامرة كهذه يجب أن تكون جيوبهم ملئا  بالنقود ....وقال بعضهم انه راح ضحية لرفقة السوء في يوم عامر بكؤوس الخمر والحبوب المخدرة حتى أطاحت الخمرة بعقولهم وفعلوا فعلتهم ...لكننا كل ما علمناه عن شفيق انه شخص ملتزم ....(من البيت للشغل ومن الشغل للبيت)....ثم تبادلنا النظرات الحائرة المقنعة بأننا أصبحنا عاجزين عن تبرير اختفاءه ...فقال قائل ربما ذهب وراء الشمس ....اسألوا عنه الشمس وقال قائل ربما خطفه الليل فأسالوا عنه القمر ....وقال قائل ربما ابتلعته الأسماك فأسالوا عنه النهر ....
وعندما سألنا عنه الشمس ...خجلت الشمس وتصبب العرق من جبهتا فتوارت بين الغيوم السوداء التي تلبدت حولها بسرعة ....وعندما سألنا عنه القمر ....قال انه لا يتدخل في أمور كهذه لأنه يخشى على أبنائه النجوم فهم ما زالوا صغارا ولم يكبروا بعد وهم لازالوا يحتاجونه في هذه الظروف الصعبة ...
وعندما سألنا عنه النهر ....بكى النهر بحرقة وقال أن شفيق في إحدى الليالي جلس بجانبه ورفع يديه إلى السماء ضارعا ووصف مطالبه بعبارات شديدة الوضوح وطلب أن يموت رجل ظلم الناس كثيرا في كل حين لكن الرجل لم يمت إنما مات الكثير من المظلومين ... ....وعندما سألنا عن اسم هذا الرجل ...تحفظ النهر بشدة وقال أن الأسماك التي بداخله قد تموت إذا حدث له مكروه ....
لكننا لم نيأس وعدنا في اليوم التالي لكي نسأل عن اسم الرجل الذي ظلم الناس كثيرا فوجدنا أن النهر قد تمت مصادرته ووجدنا أن الأسماك قد ماتت ووجدنا ساعة وخاتم كان يلبسهما شفيق تلونتا بالون الأحمر القاني ....فأخذنا نكثف البحث لكننا كنا نبحث هذه المرة عن النهر ...